رواية الاب الغامض بقلم باميلا ٦١الى ٨٠
انت في الصفحة 1 من 7 صفحات
اللهم أنت الولي في وحدتي وأنت المعين في بلائي فسخر لي اللهم أناسا صالحين.
الفصل 61 ابن ناتالي
عندما سمعت ناتالي صوت زافيان انتشر الذعر في قلبها. اتسعت عيناها المستديرتان پصدمة ثم حدقت پغضب في صموئيل الذي كان ما يزال يظهر الارتباك في ملامحه. دفعته بعيدا بكل قوتها لكن الأوان كان قد فات.
الطفل الصغير رأى كل شيء.
سيدي هل التقينا في مكان ما من قبل سأل ببراءة متكلفة.
استدار صموئيل نحو الصوت ليرى صبيا صغيرا يرتدي قميصا أحمر وبدلة زرقاء. رغم اختلاف ملابسه عما كان يرتديه أمام المطعم في اللقاء السابق إلا أن صموئيل تعرف فورا على وجهه الممتلئ البريء.
كان زافيان في نفس عمر صوفيا وفرانكلين. وأكثر من ذلك كان ينادي ناتالي بماما. ومع ملامح وجهه التي تشبه صموئيل أكثر مما تشبه فرانكلين شعر الأخير بشك غامض يتسلل إلى ذهنه.
ناتالي لم تكن تعلم أن صموئيل وزافيان قد التقيا سابقا. بالنسبة لها بدا أن زافيان يفتعل حوارا غريبا فقط ليترك انطباعا ويجعل صموئيل زوج أمه المستقبلي.
عزيزي انتبه لما تقوله.
أومأ زافيان برأسه بخضوع فأطلقت سراحه ببطء. ثم استقامت ناتالي وقدمت ابنها
هذا هو ابني زافيان.
ابتسم زافيان وأومأ برأسه بتحية يسعدني التعرف إليك.
بينما استعاد صموئيل هدوءه تدريجيا ضيق عينيه وهو يراقب الصبي. ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة وهو يردد
نعم يعني مشرق.
اسم جميل جدا.
ابتسم زافيان بفخر قائلا بالطبع أمي هي من اختارته لي لذا فهو أفضل اسم في العالم.
نظرت ناتالي بين صموئيل وزافيان بحذر. رغم فهمها لتصرفات ابنها لم تستطع أن تقرأ نوايا صموئيل.
كانت متأكدة أن مجرد تحمله لها كان أمرا مربكا بما فيه الكفاية والآن بعد أن عرف أن لديها طفلين توقعت أن يظهر استياء لكنه بدا عكس ذلك تماما.
لم تجد ناتالي إجابة واضحة لذا قررت إنهاء الأمر سريعا.
السيد باورز اقترب موعد العشاء. صحيح أن زافيان أعد بعض الطعام لكنه طفل في الخامسة. طبخه لا يرقى لمستوى الطهاة المحترفين في عائلتكم. ألا ترى أنه من الأفضل أن... توقفت وقررت أن صموئيل الذكي سيفهم المغزى دون حاجة لشرح إضافي.
أعتقد أنني سأبقى لتناول العشاء. أريد أن أذوق طعام زافيان.
صدمت ناتالي. بينما انشغل زافيان بالتحضير نظرت هي إلى صموئيل بتعبير مذهول.
لماذا يمكنه تناول وجبة فاخرة في منزله فلماذا يصر على البقاء هنا
تساءلت بصوت منخفض ماذا تريد بالضبط
أجاب صموئيل بنبرة هادئة وبريق غريب
في عينيه
أريد تناول العشاء. أم أنك قلقة من أن آكلك بدلا من الطعام
كادت ناتالي تختنق بسعال مفاجئ فأضاف صموئيل بابتسامة هادئة
لا تقلقي. سأكتفي بالطعام.
استفزت كلماته ناتالي لكنها قررت مجاراته.
حسنا إذا كنت مصرا على معرفة ما أخفيه فلن أهرب.
قادته إلى شقتها الصغيرة التي تحتوي على ثلاث غرف نوم واحدة لها وأخرى لزافيان والثالثة لكلايتون.
انهمك زافيان في إعداد شرائح اللحم للعشاء يتنقل بين المطبخ وغرفة الطعام بحماس طفولي.
بينما ذهبت ناتالي لغسل يديها شعرت بوجود صموئيل يقف بجانبها.
الفصل 62 أعتقد أنه يستحق ذلك
رفعت ناتالي عينيها نحو الرجل الذي يقف بجانبها أطول منها بكثير بطوله الذي يقارب المائة والتسعين سنتيمترا. بدا وجهه الوسيم وكأنه منحوت بإتقان وساعته الباهظة الثمن على معصمه تتلألأ بضوء بارد تضيف إلى حضوره هالة من الفخامة والجاذبية. كل ما فيه كان ساحرا ولكن بطريقة طبيعية وغير متكلفة.
سألته بنبرة تحمل شيئا من السخرية والتحدي
لماذا تريد تناول الطعام هنا معنا أليس طهاة عائلة باورز أفضل من طهي حبيبي
رفرفت رموشها بشكل غير واع وكان في صوتها نبرة لطيفة لم تقصدها.
ابتسم صموئيل ابتسامة خفيفة وسأل بفضول
عزيزتي... هل هذه هي الطريقة التي تنادين بها زافيان
نعم ولم لا أجابت ناتالي بثقة وعيناها تتحديان نظراته. إنه ابني فما المشكلة إذا ناديته ب حبيبي
ابتسم صموئيل بود ونظر إليها بعينيه الهادئتين قائلا
لا توجد مشكلة على الإطلاق. في الواقع أعتقد أنه أمر لطيف جدا.
شعرت ناتالي بارتباك خفيف عندما أدركت تأثير ابتسامته الدافئة عليها. إنه بالتأكيد حسن المظهر...
حتى في حالته الجدية كان مذهلا فما بالك بابتسامة كهذه حاولت التماسك لكن وجدت نفسها تنجذب إليه ولو للحظة قصيرة.
فجأة رفع صموئيل يده ووضعها على رأسها بلطف وبدأ يداعب شعرها كأنه يربت على قطة صغيرة.
مرحبا... بدأت ناتالي بنبرة جادة ثم أمسكت بذراعه بيديها المبللتين بالصابون وتابعت
أعلم أن ذوقك فريد من نوعه لكن لا تضيع وقتك معي. لن تحصل على أي شيء مني. أنا مختلفة عن كل النساء الأخريات اللاتي قابلتهن.
رغم حديثها كانت تعرف أن صموئيل ليس شخصا سهلا يمكن إبعاده بالكلمات.
بعد كل شيء لدي أهداف أكبر. لدي أطفال بحاجة لي وأحمل عبء الاڼتقام على عاتقي. علي أن أستعيد ممتلكات جدي وأبني إمبراطورية تجارية تحمل اسمي. لن أكون مثل يارا التي تفعل أي شيء لتصبح زوجة صموئيل لأنني أعلم أنني أستحق أكثر بكثير.
التقت عينا ناتالي بنظرة صموئيل التي كانت صافية كالماء. بدا وكأنه يستطيع رؤية أعماق روحها حيث تألقت العزيمة والعناد في عينيها ما أضفى على وجهها إشراقة متفائلة وطموحا لا يمكن تجاهله.
قال صموئيل بنبرة واثقة وهو يمسك بيدها بقوة
سأقرر ما إذا كان هذا مضيعة للوقت أم لا. وما دام الأمر يستحق فلن تضيع ثانية واحدة.
ارتبكت ناتالي ولم تجد ما تقوله. شعرت بالإصرار القوي في صوته وكلماته لكنها لم تفهم دوافعه. هذا الرجل فقد عقله! فكرت.
لدي أطفال. وجهي مليء بالنمش الذي لا يمكن تجاهله. لماذا لا تكفي هذه الأشياء لإبعاده عني لا أفهم ما الذي يريده أو يخطط له!
قبل أن تستمر أفكارها ظهرت شخصية صغيرة بجانبهما فجأة.
أمي العشاء جاهز بدأ زافيان لكنه توقف فجأة وغطى عينيه بيديه الصغيرتين.
آه... أمي لم أر شيئا! من فضلك تابعي!
تنهدت ناتالي بصمت وهي تشعر بالإحراج.
توقف عن قول الهراء زافيان! الأمر ليس كما تظن!
لكن زافيان كان قد اختفى بسرعة من الحمام ولم يسمع تفسيرها.
لقد جعلته يسيء فهمنا! قالت ناتالي بحدة وهي تحدق في صموئيل.
رد صموئيل بلا مبالاة وهو يترك يدها
لا بأس. سأشرح له لاحقا.
لم يكن يبدو متأثرا على الإطلاق وكأن سوء فهم الطفل كان أمرا تافها بالنسبة له. لكن ناتالي لم تكن مقتنعة بأنه سيجد طريقة لتوضيح الأمر لزافيان.
جلس الاثنان في غرفة الطعام بعد أن انتهيا من غسل أيديهما وبدأوا بتناول الوجبة التي أعدها زافيان.
فضلت ناتالي الصلصة الحارة مع شريحتها بينما تناول صموئيل وزافيان شريحة اللحم بدون أي إضافات.
في البداية لم تلاحظ ناتالي أي شيء غريب لكنها أدركت لاحقا أن ذوق صموئيل وزافيان لم يتوقف عند الصلصة فقط. الأطباق الجانبية التي فضلاها وحتى طريقة تناولهما للطعام كانت متشابهة بشكل مدهش.
بدأت ناتالي تراقبهما عن كثب ولاحظت أنهما يأكلان بنفس الوتيرة الهادئة والبطيئة. الطريقة التي كانا يمسكان بها الشوكات وحتى البرود في عيونهما بدت متطابقة بشكل غريب.
توقف تفكيرها للحظة وراودها حدس غريب هل يمكن أن يكون صموئيل هو والد زافيان
لكنها سرعان ما طردت الفكرة من رأسها. هذا مستحيل! فكرت.
والد كل من زافيان وكلايتون كان مچرما مفقودا ولا أحد يعرف مكانه. لقد اطلعت بنفسها على رسائل وسجلات المحادثة بين يارا والرجل الذي تورطت معه. كل شيء حدث تلك الليلة كان موثقا بوضوح.
بينما كانت غارقة في أفكارها قطع صوت زافيان الصمت قائلا بفضول
أمي لماذا تحدقين فيه طوال الوقت هل هناك شيء على وجهه
اللهم أنت الولي في وحدتي وأنت المعين في بلائي فسخر لي اللهم أناسا صالحين.
الفصل 63 أبي ماټ
كانت ناتالي تحدق في صموئيل دون أن ترمش لكن الإحراج تصاعد عندما أشار إليها زافيان بوضوح. شعرت وكأنها تود لو تبتلعها الأرض.
لا تكن سخيفا زافيان! قالت ناتالي وهي تمسح حلقها لتخفي ارتباكها.
لكن زافيان رد پغضب أنا لست سخيفا! أمي أنت تضيفين صلصة اللحم إلى السلطة! السلطة ستفسد!
خفضت ناتالي نظرها نحو السلطة في وعائها. تماما كما قال زافيان كانت تضيف الصلصة الحارة التي كانت مخصصة لشريحة اللحم إلى السلطة دون أن تنتبه.
رغم أنها أدركت صحة كلام زافيان إلا أن الاعتراف بأنها كانت تحدق في صموئيل لم يكن خيارا مطروحا بالنسبة لها.
أنت لا تفهم. أنا أحب الأكل بهذه الطريقة! قالت متظاهرة بعدم المبالاة ثم أخذت لقمة كبيرة لتثبت وجهة نظرها.
لكن صلصة اللحم لم تكن أبدا خيارا جيدا مع السلطة. ورغم الطعم الغريب الذي شعرت به أبقت وجهها جادا كي لا تظهر أي علامة على الإحراج أمام ابنها.
لا تستسلمي! لا يمكنك أن تحرجي نفسك أمام ابنك! فكرت ناتالي وهي تجبر نفسها على ابتلاع السلطة.
لحسن الحظ بدا أن زافيان لم يلحظ أي شيء خاطئ.
على الجانب الآخر كان صموئيل يملأ كأس ناتالي بالمشروبات الغازية بينما ابتسم ابتسامة ساحرة بدت وكأنها تعبر عن استمتاعه بالموقف.
إنها رائعة عندما تظهر عنادها. فكر صموئيل بصمت.
بعد العشاء ألقت ناتالي نظرة على الأطباق وأدوات المائدة الملطخة بالدهون ورفعت أكمامها قبل أن تجمعها وتتجه إلى المطبخ لغسلها.
وفي هذه الأثناء أخذ زافيان بيد صموئيل وسحبه إلى غرفته. جلس زافيان متربعا على سريره بينما جلس صموئيل على حصيرة الأرضية وحدقا في بعضهما بصمت لبضع لحظات.
أتذكر أنك قلت إنك لست مهتما بأمي عندما التقينا آخر مرة! قال زافيان مستندا بذقنه إلى يده ورافعا حاجبيه بتحد.
أجل أتذكر.
رد زافيان بفخر لقد أخبرتك أن أمي مميزة. إنها موهوبة وجميلة. الآن تأكدت أنني لم أكذب عليك أليس كذلك إذا هل ټندم على ما قلته هل تخطط لتغيير رأيك
ابتسم صموئيل بهدوء وأجاب لا لن أغير رأيي.
ماذا صړخ زافيان پغضب مشددا قبضتيه. ظن أن صموئيل كان يلعب بمشاعر والدته فقال بصوت عال كيف تجرؤ على مغازلة والدتي بينما تفكر في امرأة أخرى
تنهد صموئيل وأجاب بهدوء في ذلك الوقت لم أكن أعلم أن ناتالي هي أمك. لكن الحقيقة... هي أن أمك كانت