رواية الاب الغامض بقلم باميلا ٩

الفصل 501 دمية مطيعة
ابتسمت ناتالي بغموض وهي تتأمل روس.
قالت له بهدوء وعمق
روس عندما يضع الإنسان قلبه في شيء ما يصبح الإنجاز ممكنا. لكن أصعب ما يمكن فهمه هو القلب البشري نفسه.
تفاجأ روس للحظة بكلماتها لكنه سرعان ما أومأ برأسه موافقا ثم انطلقا معا نحو قاعة المؤتمر.
كان الحاضرون في المؤتمر الطبي رجالا في منتصف العمر يرتدون البدلات الرسمية. وسط هذا المشهد الجاد ظهرت يارا بفستان أبيض أنيق فبدت كجوهرة وسط القاعة تلفت الأنظار بجمالها ورشاقتها.

بدأت التعليقات تنهال على والدها
السيد نيكولز أنت محظوظ للغاية بابنة كهذه!
سمعنا أن ابنتك ستلقي خطابا نيابة عن شركة ديكسميد للأدوية. إنها ليست فقط ناجحة بل فائقة الجمال أيضا!
ابتسمت يارا بردود متواضعة لكنها شعرت بسعادة داخلية. كلمات الإطراء رفعت معنوياتها مما أزاح بعض الضيق الذي كانت تعاني منه مؤخرا.
في المقابل كانت ناتالي تراقب هذا المشهد بنظرة ساخرة وهمست بخفوت كم هو سهل أن يعجب الناس بالمظاهر.
في النصف الأول من المؤتمر ألقى روس خطابا مميزا نيابة عن شركة دريم فارماسوتيكال. تحدث بأسلوب احترافي جمع بين معرفته العميقة ورؤية الشركة المستقبلية حيث عرض إنجازات شركته في مجال أبحاث السړطان.
أنهى خطابه بإعلان مثير أن الشركة في المراحل النهائية من تطوير دواء جديد لمرضى السړطان وهو الآن في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية. كان هذا الخبر كفيلا بإشعال تصفيق حار من الجمهور الذي أبدى إعجابه الكبير بشركة دريم رغم أنها لا تزال شركة ناشئة.
ناتالي التي كانت تتابع من الصفوف الخلفية صفقت بحرارة وفخر لروس في حين تابعها صموئيل من غرفة خاصة. ابتسم وهو يراقبها تصفق بيدين تحولتا إلى اللون الأحمر من شدة الحماس.
في مكان آخر من المؤتمر كان هناك رجل يرتدي بدلة فاتحة اللون يراقب كل شيء بصمت. راقب روس باهتمام قبل أن ينقل نظره إلى ناتالي التي كانت مندمجة وسط الحشد.
ابتسم ببرود وقال دريم فارماسيوتيكال... مٹيرة للاهتمام.
تدخل أحد مرؤوسيه قائلا
يا ملك شركة دريم للأدوية لا يمكن أن تقارن بشركة ديكسميد فهي مجرد شركة جديدة مقارنة بعملاق عمره أكثر من مائة عام.
رد الملك بنبرة هادئة ولكن حادة
بعد ۏفاة أرنولد ماټت روح ديكسميد معه. والشخص الذي يدير الشركة الآن ليس سوى دمية مطيعة.
صمت للحظة ثم أردف بابتسامة غامضة
قبل ثلاثة وعشرين عاما كان هناك ديكسميد وأرنولد باير. والآن لدينا دريم فارماسيوتيكال وتلك الفتاة. أليس من المثير للدهشة كيف يعيد التاريخ نفسه أحيانا
الفصل 502
وفي تلك اللحظة المفعمة بالحماس تردد صوت تصفيق ناتالي في أرجاء القاعة كأنه لحن يعبر عن فرحتها الغامرة. كانت غير مدركة تماما للأنظار التي تسلطت عليها من الحضور في الطابق الثاني حيث اجتذبت تصرفاتها البسيطة اهتمام الجميع.
تحرك روس بخطوات واثقة نحو المسرح ثم جلس بجانب ناتالي بابتسامة امتنان رسمت على وجهه. أومأت
له برضا وهي تشير بإبهامها إليه بفخر وقالت بحماس
أحسنت يا روس! أعتقد أنني اتخذت القرار الصحيح باختيارك في تلك اللحظة.
ابتسم روس برقة وأجاب بصوت مفعم بالامتنان
سيدة نيكولز على الرغم من أنني قلت ذلك مرات عديدة إلا أنني أشعر بضرورة أن أشكرك مجددا من أعماق قلبي. لقد انتشلتني من قاع الهاوية ولولاك لكنت لا أزال عالقا في ظلامها.
نظرت إليه ناتالي بثقة وقالت
روس دعنا نعمل معا لنصل إلى آفاق جديدة من النجاح.
أومأ روس برأسه بعزم وقد عكست عيناه الإصرار على بذل كل ما لديه لتحقيق ما تطمح إليه ناتالي.
ورغم أن المؤتمر كان يضم عدة متحدثين في جزئه الأول إلا أن الحماسة والطاقة التي نقلها روس في حديثه جعلته يبرز عن البقية. بعد مرور ساعة طويلة انتهى النصف الأول من المؤتمر وبدأت استراحة قصيرة دامت نصف ساعة.
سرعان ما أحاطت مجموعة من رجال الأعمال والمستثمرين بروس وبدأوا بالتحدث معه بنبرة مفعمة بالحماسة والاهتمام
السيد تريفور شركتنا تقدم سلسلة لوجستية مبردة متقدمة. نود أن نصبح شريككم اللوجستي عند طرح دواء السړطان في السوق.
السيد تريفور هل يمكن لفريق البحث والتطوير لدينا زيارة شركتكم دريم فارماسيوتيكال والتعلم من خبراتكم
السيد تريفور هل يمكن أن تقدم ابنتي فرصة للتعرف عليك
وسط الحشد المتزايد وجدت ناتالي نفسها تدفع تدريجيا إلى الخلف. وبينما كانت تحاول الابتعاد ارتعشت ساقها فجأة وكادت أن تسقط. لكن يد روس امتدت بسرعة ممسكة بذراعها بثبات لتمنعها من السقوط.
سحبها إلى حضنه دون أن يدرك ما فعله وسألها بقلق
هل أنت بخير
استعادت ناتالي توازنها وقالت
أعتقد أنني بخير.
بعد أن تأكدت من أنها لم تصب بأذى نهضت لتقف بمفردها ثم همست له بابتسامة خفيفة
التواصل الاجتماعي جزء من عملك الآن. سأتركك لتتعامل مع ذلك.
استدارت لتغادر لكن طريقها تقاطع مع يارا التي كانت تحدق بها بنظرة مليئة بالاستياء. ارتسمت على وجه يارا ابتسامة باردة وهي تتفحص ملابس ناتالي البسيطة المكونة من قميص أبيض وبنطال واسع.
تبدين قبيحة تماما كما كنت دائما قالت يارا بازدراء لكن في أعماقها شعرت بالغيرة من سلوك ناتالي الواثق وجاذبيتها الغامضة.
ردت ناتالي بابتسامة خاڤتة تخلو من أي حرارة
ما الذي يمنحك الحق في التواجد هنا
ردت يارا بصوت مليء بالسخرية
نفس الحق الذي جعلك هنا. لكنني أتساءل عن العلاقة الحقيقية بينك وبين روس. هل هي حقا بريئة كما تبدو
أجابت ناتالي بثقة
مهما كانت فهي لا تعنيك.
لوحت يارا بهاتفها قائلة
إن كنت تظنين أن صموئيل لن يكتشف أفعالك فأنت مخطئة. ماذا سيحدث إن أرسلت له هذه الصورة
كانت الصورة تظهر ناتالي بين ذراعي روس ويبدو المشهد وكأنهما يتعانقان. لكن ناتالي نظرت إلى يارا بنظرة ثابتة وهادئة.
الفصل 503
رفعت ناتالي بصرها إلى يارا بنظرة هادئة تخفي خلفها بركانا من الثقة وقالت
بما أنك تمتلكين الصورة بالفعل فما الذي يمنعك من إرسالها
تغيرت ملامح
يارا فجأة وأحكمت قبضتها على هاتفها بقوة حتى بدت مفاصل أصابعها بيضاء. الحقيقة المرة التي ترفض الاعتراف بها هي أنها لا تملك رقم صموئيل مما يجعل تهديداتها فارغة.
پغضب متزايد حاولت أن تستعيد زمام المبادرة قائلة
لا تكوني مغرورة فقط لأنك تمتلكين عاطفته الأمر ليس كما تظنين.
لكن ناتالي لم تكن تهتم بحرب الكلمات مع يارا. كان هدفها أعمق وأكثر تعقيدا كانت تسعى للاڼتقام. استعادة شركة ديكسميد للأدوية كانت البداية ټدمير عائلة توماس بالكامل هو الغاية.
نظرت إلى يارا ببرود وأضافت
أليس من الأفضل أن تكرسي وقتك لتحضير خطابك بدلا من الانشغال بإضاعة وقتي آخر ما تحتاجينه الآن هو أن تفقدي تركيزك في منتصف الحديث.
ضړبت كلماتها الوتر الحساس ليارا التي كانت تحفظ خطابها كالببغاء خشية أن يفضح جهلها أمام الجميع. ولكن ردت بلهجة متوترة
توقف عن نشر الأكاذيب. لا أحد يصدقك!
لم تظهر ناتالي أي اهتمام بالرد بل استدارت مغادرة بطريقة استفزازية. لكن الڠضب الكامن في يارا تغلب عليها فمدت يدها إلى كوب قهوة ساخن كان قريبا ورشته پعنف نحو ناتالي.
لم تكن تتوقع أن يتحرك روس في اللحظة الأخيرة متصديا للهجوم بجسده. وقع السائل المغلي على ظهره مباشرة ومع ذلك لم يصدر عنه سوى شهيق مكبوت محميا ناتالي بذراعيه.
بصوت مفعم بالقلق سألت ناتالي وهي تنظر إلى آثار القهوة
روس هل أنت بخير
أجابها بهدوء رغم الألم الذي كان يعصف به
أنا بخير.
ثم أطلق سراحها برفق تاركا لها فرصة الوقوف بمفردها. في تلك اللحظة التفتت ناتالي ببطء نحو يارا وكانت عيناها تلمعان ببرودة شديدة.
يارا ماذا كنت تحاولين فعله سألت بنبرة حادة تحمل في طياتها تحذيرا ضمنيا.
يارا التي شعرت أن خطتها قد فشلت مرة أخرى أخذت تبرر لنفسها في صمت. لماذا تكون ناتالي دائما محظوظة لماذا تجد من يضحي لأجلها بلا تردد
لم تكن يارا الوحيدة التي لاحظت هذا المشهد. من أعلى صالة كبار الشخصيات كان صموئيل يراقب. هبط بخطوات ثابتة وعيناه تركزان على ناتالي وروس الواقفين بالقرب من بعضهما.
صموئيل! نادت يارا باسمه متسللة خلفه في محاولة يائسة لجذب انتباهه.
لكن صموئيل لم يلتفت. سار مباشرة نحو ناتالي متجاهلا تماما وجود يارا.
توقف بجانبها وألقى نظرة على آثار القهوة على روس ثم سأل بصوت غاضب عميق
ما الذي حدث هنا
نظرت ناتالي إليه ببرود وأجابت بثقة
يارا حاولت إيذائي وانتهى بها الأمر بإصابة أحد موظفي. اعتذارها غير مقبول. سأطالب بالعدالة.
لم يتحرك صموئيل إلا لينقل نظراته نحو يارا التي كانت ترتعش تحت ضغط نظراته. في محاولة يائسة رفعت هاتفها وأظهرت له الصورة قائلة
انظر بنفسك صموئيل! ناتالي تحاول إغواء روس خلف ظهرك! وعندما حاولت نصحها أساءت إلي. فعلت ذلك فقط لأنني كنت غاضبة لأجلك.
الفصل 504 ل الفصل 506
الفصل 504 اشرح في المنزل
ألقى صموئيل نظرة هادئة ولكن حادة على شاشة هاتف يارا. الصورة التي عرضتها أظهرت ناتالي في وضعية توحي برومانسية مع روس مما أثار في داخله شعورا غامضا بين الغيرة والشك.
على الرغم من أن تعبيره ظل ثابتا إلا أن يارا استغلت الفرصة لإضافة المزيد من الوقود للڼار.
قالت بصوت متوتر مليء بالحقد
صموئيل التقطت هذه الصور للتو. ناتالي ليست راضية بعاطفتك فقط هي تبحث عن اهتمام رجال آخرين!
حينها فتح روس فمه ليدافع عن ناتالي لكن نظرة واحدة منها جعلته يصمت.
صمت صموئيل للحظة ثم نظر إليها مباشرة وسأل
ما معنى هذه الصور
بهدوء وثبات رفعت ناتالي رأسها لتلتقي عينيه وقالت
قبل أن أجيب أريد أن أعرف... هل تثق بي
بينما كانت يارا تأمل أن تكون هذه اللحظة الحاسمة لانتصارها جاء الرد الحاسم من صموئيل بلا تردد
أثق.
رغم يقينه من براءة ناتالي إلا أن الغيرة ظلت تغلي بداخله. قبضته كانت مشدودة وعروقه بارزة لكنه احتفظ برباطة جأشه.
ناتالي التي شعرت بتوتره وكبريائه في آن واحد مدت يدها وأمسكت بيده بلطف وقالت بصوت خاڤت
صموئيل يمكنني شرح كل شيء... ولكن في المنزل.
رد عليها صموئيل بطريقة لم تتوقعها. فجأة انحنى نحوها مما جعلها ترتجف. ثم همس بنبرة غامضة ومليئة بالتحدي
عندما نعود إلى المنزل يجب أن تشرحي لي في غرفتنا... وستظلين تفسرين حتى أشعر بالرضا التام.
كانت ناتالي عاجزة عن الكلام للحظة بينما كان صموئيل يبتعد ببطء عنها. شعرت بالحرج ولكنها تمكنت من التماسك.
أما يارا فكانت تقف مذهولة. كيف يمكن لصموئيل أن يتجاوز هذه الصور بسهولة أليس أي رجل في مكانه سيشعر بالخېانة
صړخت يارا پغضب محموم
صموئيل! لقد رأيت الصور بنفسك! لماذا لا تزال تدافع عنها هل يمكنك حقا أن تتحمل خيانتها
لكن قبل أن تكمل حديثها أخذت ناتالي كوبا من القهوة الساخنة وسكبته على صدر يارا دون تردد.
صړخت يارا ألما وصدمة
آه! ماذا تفعلين
حاولت يارا تنظيف القهوة التي أفسدت فستانها الأبيض لكن الضرر كان واضحا. بقع القهوة جعلت مظهرها مثيرا للشفقة.
بنظرة حادة مليئة بالتحدي قالت ناتالي
يارا لقد سقطت بنفسك في الفخ الذي نصبته لي. ما فعلته الآن مجرد رد بسيط. ومع ذلك ما زلت تدينين لي بأكثر