رواية الاب الغامض بقلم باميلا من ١الى ٤٠
القپر مغطى بالأعشاب الضارة ولا شك أن حالته قد تدهورت.
إذن يجب أن تحضري معي في المرة القادمة أنا وكلايتون. قال زافيان بحماس ثم أخذ صندوقا من الماكرون الذي صنعه بيديه وسلمه لناتالي. أمي هذا هو الماكرون الذي صنعته لجدتي. من فضلك أحضريه لها نيابة عني.
ابتسمت ناتالي بحنان وربتت على رأسه برقة ثم وافقت على طلبه. بالطبع سأحضرها لها. وبعد لحظات استقلت سيارة أجرة وانطلقت إلى جبل تيلمور.
صعبا في هذا الطقس الماطر. استغرقت وقتا طويلا لتصل إلى القمة وقد بذلت جهدا هائلا لتجاوز الصخور الزلقة والطين الذي يغطي الطريق. عندما وصلت أخيرا مسحت الطين عن الحجر الذي يعلو قبر والدتها قبل أن تضع باقة من الزنابق وصندوق الماكرون بعناية على القپر.
بينما كانت تحدق في صورة والدتها اللطيفة والجميلة على شاهد القپر شعرت بدموع تملأ عينيها. كانت المشاعر متشابكة داخلها والألم يعصر قلبها بشدة. ظل المطر يهطل بلا انقطاع لكنها وقفت في مكانها غير قادرة على التحرك كأنها كانت تأمل في العودة للحظة الماضي عندما كانت والدتها إلى جانبها.
عندما عادت إلى وسط المدينة كانت ملابسها مبللة تماما من الأمطار فدخلت إلى مقهى صغير على جانب الطريق لتدفئ نفسها. خلال السنوات الأخيرة أصبح اسم يارا معروفا في صناعة الترفيه لذا لتجنب أي مشاكل أو تعقيدات ارتدت ناتالي نظارات شمسية وقناع وجه كبير يغطي معظم وجهها.
بينما كانت تنتظر سمعت صوتا خلفها. التفتت فجأة وعيناها استقرتا على شخص تعرفه تماما. خفق قلبها بشدة عندما وقعت عيناها على الرجل ذو العيون الداكنة.
يا له من عالم صغير! همست في نفسها بينما كانت الدهشة تملأ قلبها. من بين كل الأماكن لابد أن يكون صموئيل باورز هنا!
كانت ملامح صموئيل خالية من العيوب وكأنها منحوتة من قبل خالقها نفسه وبمظهره المهيب وهالته القوية كان شخصا يصعب على أي شخص تجاهله. شعرت ناتالي بثقل الهواء حولها بينما نظرت إلى الزجاج الأمامي للمقهى محاولة عدم جذب انتباهه.
عندما قابلت صموئيل كنت أرتدي قناعا شديد الواقعية وكان مظهري مختلفا تماما عن الآن. علاوة على ذلك كنت محمية بنظارتي الشمسية وقناعي وقبعتي. لا يوجد احتمال أن يتعرف علي أليس كذلك فكرت في نفسها بينما كانت أصابعها تنقر بإيقاع غير محسوس على الطاولة فيما استمر صموئيل في إلقاء نظراته العابرة عليها.
لكن فجأة بدأ هاتفها يهتز داخل حقيبتها.
ردت ناتالي على المكالمة وفي نفس اللحظة سمعته صوت فرانكلين المتغطرس الذي يملأ المكان. سيدتي في المرة السابقة تدخل والدي بيننا. لم يكن يضايقك حقا. في الحقيقة إنه يكره النساء. عندما تقترب منه امرأة يصبح متقلب المزاج للغاية.
ليعاقب فرانكلين.
توقفت ناتالي للحظة محاولة السيطرة على مشاعرها المتضاربة. كيف يكون ذلك ممكنا أنت فرانكلين! قالت بصوت منخفض ثم أضافت بحذر لماذا لا تناديني بالسيد فرانكلين
هل تريدني أن أناديك بالسيد فرانكلين قالت ناتالي محاولة الحفاظ على هدوئها.
بالطبع يجب على الجميع أن ينادونني بذلك لكنك لست مضطرة إلى ذلك. سأمنحك هذا الامتياز فقط. أما النساء الأخريات فلا يمكنهن إلا أن يحلمن بذلك. أجاب فرانكلين مغرورا.
تسكت تسكت. فكرت ناتالي وهي تحاول منع نفسها من الضحك. إنه في الواقع ابن صموئيل. لقد ورث شخصيته المتسلطة بالكامل.
واصل فرانكلين حديثه السبب الذي جعلني أتصل بك اليوم ليس فقط للاعتذار نيابة عن والدي بل لأن صوفيا تفتقدك. هل يمكنك التحدث معها إنها هنا.
ابتسمت ناتالي بشكل خفيف عندما فكرت في صوفيا. تلك الفتاة الرائعة التي طالما احتفظت بمكانة خاصة في قلبها. ومع ذلك كانت مترددة في معرفة ما يجب أن تقوله. فلم يكن هناك الكثير الذي يمكنها أن تضيفه ولذلك قالت ما اعتادت أن تقوله لأبنائها
لا تستخدم الأجهزة الإلكترونية لفترة طويلة لأنها تضر بعينيك. تذكر أن تأخذ فترات راحة بين كل استخدام. اشرب الكثير من الحليب وتناول الكثير من البيض. لا تأكل اللحوم فقط لأنك لا تحب الخضروات. اغسل أسنانك جيدا ولا تأكل الكثير من الحلويات قبل النوم وإلا ستتسوس أسنانك.
ثم توقفت لتفكر قبل أن تضيف إذا كنت تفتقدني يمكنك الاتصال بي بنفسك. لا يمكنك الاتصال بي شخصيا. يجب أن تتصل بي من خلال أخيك. إذا قمت بالضغط على الهاتف ثلاث مرات سأعرف أنه أنت من اتصل بي.
على الرغم من أن ناتالي لم تكن معروفة بتعاطفها مع الآخرين كان الأمر مختلفا تماما عندما يتعلق الأمر بفرانكلين وصوفيا. كان إعجابها بهم يشبه تماما شعورها تجاه كلايتون وزافيان لدرجة أن حتى هي نفسها فوجئت.
وفي اللحظة التي تحدثت فيها مع الأطفال عبر الهاتف غمرها شعور دافئ ومريح. لكن هذا الشعور لم يدم طويلا. بينما كانت على وشك أخذ رشفة من قهوتها شعرت يدا كبيرة وخشنة تمسك بمعصمها وسحبها من مقعدها فجأة.
صموئيل... همست في نفسها وكأن قلبها توقف عن الخفقان للحظة. كانت نظراته الجليدية الخالية من المشاعر تنغرز في قلبها حتى من وراء نظاراتها الشمسية.
مع من كنت تتحدثين سأل بصوت منخفض كمن يحقق في أمر غامض.
لا توجد طريقة تجعله يسمع محادثتي مع فرانكلين وصوفيا. فكرت ناتالي ثم أجابت ببرود كنت أتحدث إلى أطفالي. ما المشكلة
لماذا أنت هنا سأل صموئيل والملامح الجادة تعلو وجهه كأنما يحاول فهم سر وجودها في المكان نفسه.
لقد فوجئت ناتالي وارتبكت بسبب سؤال صموئيل ولم تلاحظ حتى أنه خلع قبعتها. وكان شعرها الطويل الرائع يتساقط في موجات.
دون وعي حاولت تغطية رأسها لكنه استغل هذه الفرصة ليزيل نظارتها الشمسية
وقناعها وفجأة ظهر أمامه وجه مذهل بطبقة خفيفة من المكياج.
اللهم أنت الولي في وحدتي وأنت المعين في بلائي فسخر لي اللهم أناسا صالحين.
الفصل 17
رموش ناتالي ارتعشت من الصدمة وكأنما الزمن توقف لحظة. "أوه لا! لقد رأى صموئيل وجهي!" فكرت في ړعب "لا أستطيع إخفاءه بعد الآن!"
عبس صموئيل ونظر إليها بنظرة حادة "ألست تقومين بالتصوير في زينهول"
"زينهول... التصوير..." قالت ناتالي في نفسها محاولة فهم الموقف. "أليس كلايتون يصور دراماته هناك هل هذا يعني أنه أخطأ في فهمي لتلك المرأة"
لكن الرد جاء بسرعة.
"يارا نيكولز هل تتبعينني" سأل صموئيل ببرود ونبرة صوته خطېرة.
هدأت ناتالي من روعها وجمعت أفكارها. "لقد أخطأ في ظني بيارا. وهو يعلم أنها تقوم حاليا بالتصوير في زينهول. إذا أدرك أنني لست يارا سيعرف أنني ما زلت على قيد الحياة."
"لا يجب أن أكشف عن هويتي الآن!" فكرت بحذر "بما أنه أخطأ في ظني بالفعل فبإمكاني التعامل مع الأمر."
دارت معصمها لتتخلص من قبضته لكنها لم تتمكن من الإفلات. تنهدت "صموئيل هل يمكنك أن تترك معصمي إنه يؤلمني."
كانت كلماتها هادئة جدا لدرجة أنها جعلت ناتالي تبدو كقطة صغيرة جريحة ولكن هادئة وعلى الرغم من ذلك كانت في تلك اللحظة قادرة على التحديق فيه بلا حراك.
ظل صموئيل ينظر إليها بنظرة ثابتة لكن قبضته بدأت في الضعف.
"لم أر يارا بهذه الحيوية من قبل. كانت دائما مدللة وضعيفة في ذاكرتي. لكنها الآن تتصرف بطريقة راقية. نظراتها وابتساماتها كلها مدروسة مهذبة لكنها لا تثير اهتمامي."
أطلقت ناتالي هسة من الألم وهي تتحقق من معصمها الذي أصبح مليئا بالكدمات. رفع صموئيل حاجبيه وسأل ببرود مرة أخرى
"لم تجيبي على سؤالي بعد. لماذا أنت هنا"
"لأنني أفتقدك." نظرت إليه بعيون صافية ومتلألئة محاولة إخفاء ما يختبئ داخلها. "كان لدي بعض الوقت الفارغ في جدول التصوير لذلك تسللت لرؤيتك. لكنني لم أرغب في أن تكتشف ذلك."
كانت كلماتها تبدو مبتذلة ومباشرة لكن ناتالي حاولت إقناع نفسها بأنها على صواب. "أخبرني فرانكلين للتو عبر الهاتف أن صموئيل يكره النساء. إذا قلت له مثل هذه الكلمات المبتذلة فسوف يشعر بالاشمئزاز مني بالتأكيد ويطلب مني أن أبتعد."
أغمضت ناتالي عينيها مستعدة لڠضب الرجل لكنها تفاجأت عندما لم ېصرخ أو يوبخها. افتتحت عينيها ببطء لتجد نفسها تحدق مباشرة في عينيه العميقتين اللتين تغمرهما مشاعر غير مفهومة.
"لقد افتقدتني كثيرا أليس كذلك يارا" قال صموئيل بصوت عميق وكأنما يقرأ أفكارها.
بينما كانت لا تزال تتظاهر بأنها يارا قررت ناتالي الاستمرار في لعبتها. "بالطبع! أريدك بجانبي كل ليلة! لا أستطيع النوم جيدا بدونك بجانبي."
لكن كلماتها أحدثت شعورا بالقشعريرة في جسدها حيث كادت تفرغ ما في قلبها.
وفي تلك اللحظة كان النادل يحمل كوبا ساخنا من القهوة يمر خلفها. وعندما تراجعت خطوة إلى الوراء دون أن تدري سحبها صموئيل بعيدا عن الأڈى إلى
ذراعيه.
خفض بصره وحدق في المرأة التي كانت بين أحضانه. كان الهواء يحمل رائحة منعشة وجذابة تجعل أوتار قلبه تتراقص وكأنما اجتاحه تيار من الرغبة المكبوتة.
"هل كانت يارا جذابة هكذا دائما جذابة إلى درجة أنني لا أستطيع التفكير بوضوح" تساءل في نفسه.
بعد الاتصال الوثيق مع ناتالي تدفق تيار من الرغبة عبر جسده. كان بإمكانه أن يراه في عينيها وفي كل حركة صغيرة تقوم بها.
حاولت ناتالي دفعه بعيدا لتتمكن من الوقوف بمفردها لكن قبل أن تتمكن من الرد قربها منه فجأة...
"ممف!" انتفخت عيناها من الصدمة وهي تحدق في صموئيل لا تصدق ما يحدث.
"كيف بحق الچحيم هو كاره للنساء" تساءلت بذهول.
لكن صموئيل رغم كل ما كان يبدو عليه من قسۏة أمسك بها بقوة أكثر قربها منه مرة أخرى وكأنما لم يعد يفكر في شيء سوى في قربها.
الفصل 18
كانت ناتالي تشعر وكأن كل طاقتها قد امتصت من جسدها ولم تستطع الهروب من قبضة صموئيل. كان الڠضب يتدفق في عروقها بينما كان هو يواصل الاحتفاظ بها بين ذراعيه. على الرغم من أنه قبلها إلا أنه لم يفعل أي شيء آخر. ومع ذلك كان تأثيره عليها هائلا كما لو أن كل جزء منها قد سقط في حالة من الدوار.
"لقد كانت تلك الليلة الوحيدة منذ ست سنوات ولم أقبل أي رجل بعدها. لدرجة أنني لا أتذكر حتى شكل ذلك الرجل... ولكن هذا الرجل... هذا الرجل يجعلني أشعر بالجنون!" فكرت في نفسها بتوتر.
عندما أخيرا أطلق صموئيل قبضته كانت ناتالي لا تزال غير قادرة على استعادة توازنها. كانت عيناها غير مركزتين من الدوار وعقلها مشوشا من تأثير القبلة المفاجئة. نظرت إليه پغضب وحاولت رفع يدها لټصفعه لكنه أمسك بمعصمها بسهولة.
"أنت تقول أنك تكره النساء!" صاحت بنبرة غاضبة.
لكن صموئيل همس بجانب أذنها حيث اقترب منها فجأة "هل يجب أن أذكرك بأنك أنت من قلت أنك تفتقديني" مع أنفاسه الحارة التي لامست رقبتها من خلفها جعلتها ترتجف من الإحساس.
"يا إلهي! لقد جننت! كنت أعتقد أنني أستطيع الهروب من هذه الفوضى بالتظاهر بأنني يارا." كانت الأفكار تتسابق في عقلها لكن لم يكن هناك مفر.
عندما غادرا المقهى كان المطر قد توقف بالفعل. بينما كان بيلي يقود سيارة الهامر لالتقاط صموئيل لاحظ أن الأخير يتقاسم المظلة مع امرأة ترتدي فستانا أسود طويلا. وعندما نظر إليها بوضوح أصيب بالدهشة.
"أليست هذه يارا لماذا يقف السيد بجانبها" تساءل بيلي في حيرة.
ناتالي رفعت ذقنها وقالت بثقة "سوف يأتي مساعدي قريبا. بما أن السيد مورين هنا بالفعل يجب أن تغادر أولا." بينما كانت تتنفس الصعداء سحبها صموئيل مرة أخرى إلى ذراعيه.
كان جسدها يتوتر على الفور وضړبته بقبضتيها وأغلقت أسنانها بشدة. "السيد مورين هنا..." همست بصوت ضعيف وهي تتذكر أنها
ما زالت تتظاهر بأنها يارا.
لكن قبل أن تتمكن من الاستمرار اقترب منها صموئيل أكثر شمة رائحتها العطرة ثم فجأة عضها.
"هذا يؤلمني! هل أنت مصاص دماء" اشتكت ناتالي وهي تفرك شحمة أذنها پألم.
في تلك اللحظة أظلمت عيون صموئيل وهو يحدق فيها وقال بلهجة مخيفة "سأترك علامة. سأتحقق من ذلك في المرة القادمة."
فزع قلب ناتالي لسماع كلماته وضغطت شفتيها في صمت. نظرت إليه بلا مبالاة لكن في عينيه كان هناك بريق مظلم كما لو كان يتأهب للانقضاض على فريسته. "هل سيصبح هذا هو مصيري" تساءلت في نفسها پخوف.
ثم قالت بنبرة محرجة "السيد مورين لا يزال هنا..." مع وجه محمر من الخجل.
لكن صموئيل لم يبال بكلامها قائلا ببساطة "يمكنك التعامل معه وكأنه غير مرئي. فهو لن ينظر ولن يجرؤ على ذلك."
بيلي الذي كان قد وصل إلى مكانهم لم يجرؤ على النظر إليهم. كان يقف بعيدا ظهره إليهم ينظر إلى السماء كما لو كان يحاول إقناع نفسه أنه ربما كان يحلم.
قبل أن يغادر ألقى صموئيل نظرة أخيرة على علامة العض على شحمة أذن ناتالي وهو يشعر بالارتياح ثم دخل إلى سيارة الهامر وغادر المكان.
في تلك اللحظة ابتسمت ناتالي بسخرية وهي تراقب السيارة وهي تبتعد وكأنها تعبر عن سخريتها من الموقف الذي لم تجد حلا له. "إذا لم يكن خوفا من الكشف عن هويتي فما الذي يمنعني من أن أفعل شيئا" همست في نفسها بينما كانت أفكارها تتنقل بين رغبتها في رد الصاع صاعين لذلك الأحمق الذي استغلها بلا رحمة. "لكن عائلة نيكولز ويارا يكرهونني بشدة ولن يسمحوا لصموئيل أبدا بالحصول على أي معلومات عني."
ثم بابتسامة هادئة ارتدت نظاراتها الشمسية وقناعها وركبت سيارة الأجرة عائدة إلى منزلها.
وبمجرد أن وصلت ركض زافيان الصغير ذو الساقين القصيرتين الممتلئتين بكل فرح ليحتضنها. لكن حينما رأى وجهها بدون القناع تجمد في مكانه وعقد حاجبيه بقلق ثم سأل ببراءة "ماما ماذا حدث لفمك هل هو رد فعل تحسسي"
اللهم أنت الولي في وحدتي وأنت المعين في بلائي فسخر لي اللهم أناسا صالحين.
الفصل 19
خفضت ناتالي رأسها عند سماع سؤال زافيان. تسلل إليها شعور بالذنب حينما التقت عينا الطفلين الصافيتين تلك العينين اللتين تحملان البراءة التامة. "أ رد