الأحد 24 نوفمبر 2024

قصه قصيرة للكاتب الدكتور محمد مسافر بعنوان نرجسية

انت في الصفحة 2 من صفحتين

موقع أيام نيوز

هناك ثمة شيء خطېر يستدعي كل هذا 
همهمه قائلا ولكني أريد أن أتحدث معك فلتتكلم
هل تمانعين أن نجلس في المطعم أو المكتبة
_ولم لا نتحدث هنا
أجابت ولأنها قد عرفت سر سكوته هنا إن كان لا مفر إذن فلنسر حتى باب الكلية .. هيا.
طالت فترة الصمت بينهما وقد بدا عليها الضيق فقالت كيف تقول أن الأمر مهم وأنت لم تتفوه بكلمة
_سأتكلم
بدأ يحدثها عن أول مرة رآها وعن أول مرة تحدث معها فيها وكيف كانت تناطحه في الرأي كيف كانت تجادله.
ابتسمت في شيء من الخجل .. لم يفهم سر هذه الابتسامة لذلك استمر في حديثه المشوش ذكرها بمباراة كرة السلة التي حضرتها مع زميلاتها في الصالة المغطاة باستاد الجامعة وكيف انتقدته كثيرا بعد المباراة وحملته هو بمفردة الهزيمة.
أشرقت في رقة ووداعة ذكرته بأنها لم تدر ماذا تفعل حينما علمت من الجميع أنه كان مصاپا وتحامل على نفسه لإكمال المباراة. _ولكنك أتيت في اليوم التالي لتقديم الأسف والاعتذار.
لم آت للاعتذار كنت يومها قد احتجت منك كراسة محاضراتك.
_أولهذا طلبت مني يومها أن نسير معا في جميع أرجاء الكلية وأنت تعلمين أن قدمي كانت تؤلمني!
أدارت عينيها عنه نظرت إلى الأرض وقد احتضت كتبها وكراساتها
لماذا كل هذا الخجل هل أنا أخطات في شيء
أرجوك توسلت إليه هل من الممكن أن أنصرف
لا! لن أتركك هكذا أنا لم أكمل حديثي بعد.
ماذا تريد أن تقول
أنا .. .. أنا أنا أحبك ... لم يدر كيف قالها مباغتا!
صمتت .. ارتحلت لثوان إلى عالم الملائكيات والسماويات ... تنهدت حينما لمست الأرض بقدميها حينما عاد قلبها إلى مكانه في صدرها
هل أنا .... أقصد أنت
لم يجد الكلام لقد طار إلى عنان السماء حينما رأى قلبه يخفق ويرفرف ليلحق بقلبها الصغير.
هل أنت تعي ما تقول أجبني ... قالتها دامعة!
_نعم
حينها تلاقت أعينهما وكأنه لأول مرة ينظر
إليها وتنظر هي إليه.
هل من الممكن أن أنصرف الآن .. أرجوك.
_ولكن لم أتلق منك إجابة
أولم تفهم حتى الآن أنا متعلقة بك لأبعد الحدود.
أنت قبلتي في الحياة التي أولي نظري وجوانحي شطرها أنت طائري المغرد الذي يصدح في سماواتي كل صباح ليوقظني وعند الغروب وفي الليل الأسود ليؤنس وحشتي.. أنت بلورتي السحرية التي أرى فيها أحلامي لا أتكلم إلا حينما تتكلم أصمت حينما تصمت.
تبتعد عن طاولة الحديث فجأة قائله
إلى اللقاء سأنصرف
لم تعطه هذه المرة آية فرصة للحاق بها لانها كانت قد أوقفت أول عربة أجرة مارة أمامها لوحت له بيدها والعربة تبتعد مسرعة لوح لها بيده هو الآخر غير مصدق ما حدث..
أدار ظهره إلى باب الكلية متوجها إلى الطريق الرئيسي وما زال عطرها الفواح يملأ رئتيه.
يسأل نفسه .. هل هناك من بين البشر من هم في شفافيتها عذوبتها طلاوتها فهي كالأزهار بل أكثر منها جمالا ورونقا وزهوا تذكر كلام أصدقائه وصديقاتها عن غطرستها تذكر تمسكه برأيه فيها.
تذكر ملامحها الجذابه وطريقتها الرقيقة في نطق الحروف تذكر ابتسامتها خجلها عبراتها التي كانت تسري على خديها كنهر اللجين.. تذكر أنها أجابته بأنها لا تستعمل أي نوع من العطور... تذكر رائحة الشائيل التي تملا أنفاسه حينما يراها كأنه دخل لتوه إلى روضة من رياض الجنة .. إحدى بساتين الفردوس.. راحة الزهور في كل مكان .. خاصة النرجس.. نعم النرجس..
أه لم يخطئ الجميع حينما وصفوها بالنرجسية نعم إنها نرجسية.. نرجسية الكلمات والحروف نرجسية اللفتات والآهات نرجسية جرى بأقصى طاقته لوح بذراعيه في الهواء قفز عاليا صائحا بأعلى صوته أحبك يا ..
نرجسية أحبك يا زهرتي
الصغيرة ... أحبك .. أحبك.

انت في الصفحة 2 من صفحتين