الخميس 26 ديسمبر 2024

عشق لا يضاهى اسماء حميدة

انت في الصفحة 6 من 8 صفحات

موقع أيام نيوز

وأنها ترغب في التحدث مع سيدها حولت المكالمة على الفور إلى خطه المباشر.
بينما كان ظافر جالسا بعنجهية خلف مكتبه الفخم يدير أعماله بحنكة ولكنه ما بين الحين والآخر يجتسه من بين أفكاره شيء يذكره بها ها هو ملف قدمته إليه مديرة مكتبه بلون سيرين المفضل... وتلك الرائحة المنبعثة من فنجانه تشبه رائحة القهوة التي كانت تعدها له سيرين... و... و...
طرق ظافر بقلمه أعلى سطح مكتبه يحصي أيام فراقها... ذلك اليوم هو الثالث منذ رحيلها وتلك هي المكالمة الأولى التي يتلقاها بشأنها.
كان ظافر جالسا خلف مكتبه عندما تم تحويل المكالمة إليه يشعر بارتياح غريب... فكما توقع لم تتمكن سيرين من البقاء بعيدا عنه لأكثر من ثلاثة أيام أو هكذا اعتقد.
جاءه صوت فاطمة عبر الخط محملا بملامح الزمن والتجارب
السيد نصران أنا مربية سيرين وقد كنت أعتني بها منذ كانت طفلة... أرجوك بل أستحلفك أن تعاملها بلطف ولا تؤذها أكثر مما فعلت... إنها ليست قوية كما تبدو... فعندما ولدت تركتها السيدة تهامي تحت رعايتي لأنها لم تحتمل ضعف سمعها... ولم تعد سيرين إلى المنزل إلا عندما بدأت المدرسة... لم يعاملها آل تهامي قط كواحدة من أفراد العائلة... وباستثناء السيد تهامي كان الجميع يعاملونها كخادمة... أنت والسيد تهامي الشخصان الأهم في حياتها... أرجوك من فضلك كن لطيفا معها.
تبدل مزاج ظافر عندما سمع ما قالته فاطمة يجيبها ببرود شديد
هل طلبت منك أن تخبريني بهذه القصة الحزينة لأنها لا تريد مواجهتي لماذا يجب أن أهتم بحياتها إذا سألتني فهي تستحق ما حدث لها!
كان يشعر بوخزة في قلبه جراء ما حدث مع تلك المسكينة ومع ذلك أنهى المكالمة دون انتظار ردها.
سمعت فاطمة سيرين وهي تتفاخر بلطف ظافر معها لذا أدركت الحقيقة حينها فقط ظافر لم يكن رجلا صالحا على الإطلاق ولم يكن زوجا صالحا لسيرين.
جلست سيرين في الحافلة متجهة إلى المنزل وفي تلك اللحظة اهتز هاتفها. كانت رسالة من
ظافر.
قلت أنك تريدين الطلاق أليس كذلك سأراك في الساعة العاشرة صباحا غدا.
حدقت سيرين في النص بلا تعبير لفترة من الوقت قبل الرد بكلمة واحدة فقط حسنا.
لقد أثار ذلك ڠضب ظافر وأفسد مزاجه تماما... ولم يعد قادرا على العمل فاتصل بأصدقائه ودعاهم لتناول المشروبات.
كانت دينا أيضا في النادي عندما وصل... أعلنت لن أعود إلى المنزل حتى أسكر!
جلس طارق بجانب ظافر ولم يستطع أن يمنع نفسه من السؤال بفضول
كيف حال سيرين الصماء
رفع ظافر حاجبه وقال له
ليس هناك حاجة للحديث عنها مرة أخرى... سنرفع دعوى الطلاق غدا.
لقد أصيب طارق بالذهول ولم يستطع أن يصدق ما سمعه... قال مستفسرا
حقا
بجانبهم أشرق وجه دينا... وصبت له كأسا وقالت
تهانينا على استعادة حريتك ظافر!
شرب ظافر الكثير في تلك الليلة... فعرضت دينا عليه أن ترسله إلى منزله لكنه رفض قائلا
لا داعي لذلك هذا غير مناسب.
فكر ظافر قليلا فلو كان هو وسيرين سينفصلان غدا فقد تعود إلى المنزل في تلك الليلة.
لم تكن دينا سعيدة بهذا الرفض... قالت پغضب
لماذا فأنت ستطلقها على أي حال... لماذا لا يكون ذلك مناسبا هل ما زلت خائڤا من أن تكتشف علاقتنا
علاقتهم! ضيق ظافر عينيه وقال
أنت تفكرين في هذا الأمر أكثر من اللازم.
ركب سيارته الخاصة... ومن باب مراعاة مشاعر دينا اتصل بسيارة أجرة لإرسالها إلى المنزل.
وفي طريق عودته إلى المنزل واصل فتح هاتفه ليتحقق مما إذا كانت سيرين قد أرسلت له أي رسائل.. ولكنها لم تفعل ذلك.
عندما وصل إلى قصره كان الظلام دامسا... وبتعبير عاصف فتح ظافر الباب وأشعل الضوء على أمل أن يجدها بالداخل كما كانت دوما ولكن لم يكن هناك أثر لها... لم تكن قد جاءت إلى المنزل... لقد ترك القصر بالضبط كما كان عليه عندما غادرت.
فرك ظافر جبينه بيده يحاول تخفيف شعوره بالألم الذي يضج به رأسه إذ لا يزال يشعر بتأثير المشروب ومن ثم ألقى بثقل جسده على الأريكة وسرعان ما غلبه النعاس.
لم تتركه سيرين يهنئ بنومه إذ فرضت حضورها في كوابيسه لقد رآها مغطاة بالډماء لكن كانت هناك ابتسامة رضا على وجهها... وتردد صوتها بأذنه وهي تقول
لم أعد أحبك يا ظافر.
عندما استيقظ ظافر كانت الشمس قد بدأت تلقي بأشعتها الأولى على الأفق مشيرة إلى بزوغ نهار جديد... جلس في فراشه يفرك جبينه بأصابع متعبة ثم توجه إلى الحمام الذي أعده بنفسه بعناية... وبعد ذلك ارتدى بذلته الأنيقة واتجه صوب المحكمة.
عند مدخل المحكمة لمح سيرين واقفة تحت شجرة قريبة تكسوها ملابس داكنة تزيد من ضعفها... فمن بعيد بدت وكأنها شبح نحيل وسط الرذاذ وكأن نسمة هواء خفيفة قد تطيح بها أرضا.
ظل ظافر يتذكرها في أولى أيام زواجها به تلك الأيام التي كانت فيها سيرين مليئة بالحيوية والنشاط إنها أبدا لم تكن بهذا
الهزال والكآبة.
توجه نحوها حاملا مظلته وعلى ما يبدو أنها لم تلاحظ وجوده إلا بعد بضع لحظات.
تأملته بنظرات وداعا وهي تقر بأن ظافر لم يتغير كثيرا خلال السنوات الثلاث الماضية إذ لا زال يحتفظ بوسامته وثقته بنفسه وقد زادته السنوات نضجا وجاذبية.
أما سيرين فقد كانت مشوشة... السنوات الثلاث الماضية بدت وكأنها لحظة عابرة لكنها استنزفتها بكل ما تملكه من قوة لذا ترغب في خلاصها من عڈاب قرب ظالم گ ظافر.
اقترب ظافر من سيرين ناظرا إليها ببرود كان ينتظر منها اعتذارا... لكن سيرين قالت بصوت هادئ
أنا آسفة لإبعادك عن عملك. دعنا ندخل.
تجمد ظافر بأرضه وكأنه غير مستوعب لما أردفت به توا بل كان يمني نفسه بأنها ستخر راكعة على ركبتيها ترجوه ألا يتركها لكنه سرعان ما استعاد هدوءه... وقال بنبرة جافة
لا داعي للاعتذار. ثم استدار وتوجه إلى قاعة المحكمة.
نظرت إليه سيرين بحزن تتساءل في أعماقها إذا ما كانت ستندم على هذا القرار
في المحكمة سألهم القاضي عما إذا كانا متأكدين من المضي قدما في الطلاق... فجاءت إجابة سيرين حاسمة وواضحة
نعم.
كانت تلك الكلمة تحمل في طياتها الحزم والقوة مما أحبط ظافر وجعله يدرك أن الأمور بينهما قد وصلت إلى نهايتها.
بعد تقديم دعوى الطلاق كان لزاما عليهما العودة إلى المحكمة خلال شهر لحضور جلسة الاستماع... وإذا تخلفا عن الحضور فإن الدعوى ستعتبر ملغاة.
حين خرجا من قاعة المحكمة نظرت سيرين إلى ظافر بوجه هادئ على نحو غير معتاد وقالت
سأراك الشهر المقبل... اعتن بنفسك.
ألقت كلماتها وهي تتهرب بنظراتها عنه ثم استقلت سيارة أجرة تلاشت بين غيمات المطر وغادرت.
بقي ظافر واقفا في مكانه يتابع سيارتها وهي تبتعد دون أن يعي تفسيرا لإحساسه الآن ربما شعر بالارتياح.
شعر بالارتياح لأنه لن يضطر لتحملها أكثر أو تحمل سخرية الآخرين لوجود زوجة معاقة لديه.
رواية عشق لا يضاهى كاملة وحصرية هنا فقط ولمعرفة مواعيد النشر يرجى الانضمام إلى جروب الفيس روايات الأسطورة أسماء حميدة أو متابعة البيدچ الخاصة بي الكاتبة أسماء حميدة.
في سيارة الأجرة استندت سيرين إلى النافذة وحدقت في قطرات المطر المتساقطة على الزجاج بلا تعبير.
فجأة لاحظ السائق في المرآة الخلفية سائل أحمر يسيل من أذنها فصدمه المشهد. وقال
آنسة آنسة!
هيهات لمن يتحدث!

انت في الصفحة 6 من 8 صفحات