عشق لا يضاهى اسماء حميدة
يحب زيارة سيرين له في المكتب لذلك اعتادت على أخذ المصعد الخدمي من منطقة التحميل عندما رآها مساعد ظافر ويدعى ماهر الذي استقبلها ببرود قائلا
السيدة سرين
لم يعاملها أحد في محيط ظافر كزوجة له بل كانت مجرد عبء ثقيل على سمعته
عندما رآها ظافر تحمل له هاتفه عبس وجهه بتجهم
ألم أخبرك ألا تحضري أغراضي بنفسك
آسفة نسيت
منذ متى أصبحت ذاكرتها سيئة إلى هذا الحد
ربما أصابها الذعر بعد رؤية رسالة دينا وأصبحت تخشى أن يختفي ظافر من حياتها فجأة
قبل أن تغادر نظرت إلى ظافر بتوسل غير معلن ولم تستطع أن تقاوم فسألت بصوت متهدج
ظافر هل ما زلت تحب دينا
اعتقد ظافر أن سيرين تتصرف بغرابة في الآونة الأخيرة نسيانها المتكرر وأسئلتها الغريبة أثار استغرابه كيف لشخصية مثلها أن تكون زوجته
فأجابها بحدة غير مبالي
إذا كان لديك وقت فراغ اذهبي وابحثي عن شيء يشغلك
كانت سيرين قد حاولت من قبل العثور على وظيفة لكنها اصطدمت بجدار الرفض من والدة ظافر شادية التي وبختها دون رحمة
هل تريدين أن يعرف الجميع
تخلت سيرين عن فكرة العمل وركزت على حياتها
الباهتة كالسيدة نصران تعيش في ظلال الوحدة والصمت
جلست في المنزل وحيدة حتى حلول الليل والأرق يلتهمها من الداخل
رن الهاتف بجانب سريرها وكان اتصالا من رقم غير مألوف
ردت على المكالمة بصوت مهتز وجاءها صوت مألوف تخشى سماعه
وصلت سيرين إلى النادي لتسمع ضجيج الهتافات والسخرية العالية من الورثة الأثرياء داخل الغرفة الخاصة
كانت دينا المرأة الجميلة ذات الشعبية الطاغية محاطة بالإعجاب أينما ذهبت حب ظافر الأول لذلك كان الأثرياء الشباب من الطبقة العليا يهللون لها ولظافر
أنا معجبة بك يا ظافر أرجوك كن معي مرة أخرى
كان قلب سيرين يتقلص من الألم ترى حب ظافر يتجدد أمام عينيها وتشعر بالعجز والضعف يغمرانها وكأن كل قطرة مطر في تلك الليلة تعزف على أوتار قلبها المرهف
هذا ما وصل إلي أذني سيرين عندما وقفت عند باب الغرفة الخاصة
ظافر لقد انتظرت دينا ثلاث سنوات ها هي عادت الآن لذا هيا أجبها!
وفي تلك اللحظة فتح أحد الرجال الباب
السيدة نصران
نظر الجميع في الغرفة الخاصة نحو الباب وكأن الزمن توقف لحظة وغمر المكان صمت ثقيل وكأنما الزمن قد تجمد... الأعين جميعها تتأمل ما سيحدث بعد تلك اللحظة المشحونة بالتوتر.
كانت سيرين أول من رأت ظافر الذي يقف في وسط الغرفة وعيناه متوهجتان بنقاء وصفاء وشعاع من الأمل يلمع فيهما الأمر الذي بدا غريبا مقارنة بما كان يعتقد وما كان جليا للأعمى هو أن ظافر لم يكن تحت تأثير الخمر كما كان يظن الجميع.
فجأة أدركت سيرين أنها قد سقطت في فخ الخداع الذي نصبته لها دينا وأن كل شيء كان مجرد تمويه لا أكثر.
وفي اللحظة التي التقت فيها عيون سيرين بعيني ظافر لاحظت انقباض حدقتيهما وكأنما ارتجفت نياط قلبه عند رؤية ما لم يكن يتوقعه.
إحساس غريب سيطر على الجميع شعور بالحرج لا يمكن إخفاؤه حتى طارق الذي كان أكثرهم إصرارا على إقناع ظافر بقبول اعتراف دينا في وقت سابق بدا مشوشا.
وتساءلت سيرين في نفسها كيف يمكن أن يكون الوضع بهذه الفوضى كيف لم تكتشف خداع دينا في الوقت المناسب ولماذا قررت التوجه إلى هنا
فجأة كسرت دينا الصمت الذي غلف المكان بحديثها محاولة تفسير الموقف
من فضلك سيرين لا تسيئي الفهم... طارق كان يمزح فقط... أنا وظافر مجرد أصدقاء
لكن قبل أن تتمكن سيرين من الرد نهض ظافر بسرعة واضعا حدا للكلمات الزائفة التي كانت تملأ الغرفة... مردفا بصوت جاف غير آبه بكل ما قيل
لا حاجة لشرح الأمر لها.
ثم اتجه نحو سيرين مباشرة وهو يحمل في عينيه نظرة من الاستفهام والريبة... يسألها بنبرة حادة
ماذا تفعلين هنا
أجابته سيرين بصدق رغم الارتباك الذي يملؤها
اعتقدت أنك كنت في حالة سكر فقررت أن أتي لأخذك إلى المنزل.
سخر ظافر في تهكم ثم أضاف وهو يكاد يخفي غضبه
أنت حقا لم تفهمي شيئا مما قلته لك أليس كذلك
ثم خفض صوته وأصبح أكثر هدوءا لكن كلماته كانت كالسياط على قلبها
هل جئت هنا لتذكري الجميع بأنني خدعت للزواج منك قبل ثلاث سنوات هل ظننت أنهم نسوا ذلك
سقطت كلمات ظافر كالصاعقة على رأس سيرين وكأن قلبها قد توقف عن الخفقان للحظة إذ بدت مذهولة تماما.
ألقى ظافر على سيرين نظرة باردة كان فيها قسۏة لا تخطئها العين قبل أن ينطق بكلمات مثل السم
توقفي عن البحث عن الاهتمام. أنت فقط تزيدين من كراهيتي لك.
ثم استدار مبتعدا تاركا إياها تقف هناك وحيدة في خضم صډمتها التي تجمعت في قلبها مثل حجر ثقيل.
لم يكن هناك من يرمقها بنظرة تعاطف في تلك الغرفة ولا حتى من الشباب الذين شاهدوا الموقف باستهزاء بارد.
حتى طارق الذي كان يتظاهر ببعض الشفقة لم يجد حرجا في أن يقول لدينا بصوت مليء باللامبالاة
أنت حقا لطيفة دينا. لم يكن عليك تبرير
أي شيء.
ثم أضاف وكأن قلبه خالي من أي ملامح الرحمة
لو لم تقم سيرين بخداع ظافر لكان قد تزوجك منذ البداية ولما كنت بحاجة للمعاناة في الخارج.
رغم الرنين الذي يدوي في أذني سيرين إلا أنها كانت قادرة على سماع كل كلمة بوضوح وكأنها رسمت على شفاههم.
سيرين تعلم جيدا أنها حتى لو لم تتزوج من ظافر فهو لم ولن يقدم على الزواج من دينا إنها حقا لم تكن لتستحق مكانة كهذه امرأة مثل دينا لا تستحق أن تكون زوجة نبيل مثل ظافر نصران.
دينا التي لم يكن لها من خلفية وأصل ونسب سوى كونها لا شيء دينا بذاتها كانت تدرك هذه الحقيقة كما تدركها سيرين لهذا اختارت دينا أن تبتعد عن ظافر مغادرة البلاد بحثا عن حياة أخرى.
كيف تحولت الأمور إلى كون كل شيء خطأ كانت سيرين هي المتسببة به كيف أصبحت هي الملامة
خرجت سيرين مسرعة من النادي وهي تحمل مظلتها وكأنها تسير في بحر من الظلام.
فجأة ظهرت بجانبها شخصية رشيقة تتحرك بخفة كالظل... كانت دينا التي ترتدي ملابس أنيقة وحذاء بكعب عال تعكس ثقة زائفة تتناثر منها.
قالت دينا بلهجة متغطرسة وكأنها تجيد استعراض انتصاراتها الصغيرة
إنها ليلة باردة أليس كذلك كيف تشعرين الآن بعد أن سخر منك ظافر بعدما جئت إلى هنا في هذا الوقت المتأخر لتبحثي عنه
لم تجب سيرين لكن دينا لم تكترث لصمتها بل استمرت في حديثها بلغة مليئة بالازدراء
أشفق عليك كما يفعل الجميع... لا بد وأنك لم تعرفي الحب الحقيقي قط أليس كذلك
ثم تابعت متلذذة بما تراه انتصارا
هل تعلمين أن ظافر كان يطهو لي الطعام بنفسه وعندما كنت مريضة كان يترك