عشق لا يضاهى اسماء حميدة
أمامه.
تناول بعض الحساء ثم اذهب إلى الفراش قريبا... صحتك أهم من العمل. قالتها سيرين بحب حقيقي رغم خنجر خيانته وجفاءه الذي شق به ضلوعها بعدما سمعت مخططه الدنيء.
لسبب ما شعر ظافر بالاسترخاء عندما سمع صوتها الناعم ظنا منه أنها ربما لم تسمع شيئا.
وبصوت مرتبك أوقف ظافر سيرين قبل أن تتمكن من المغادرة يسألها مراقبا تعبيرات وجهها بتمعن
عندما سمعت سيرين هذا التفتت إليه وقالت بهدوء
أردت فقط أن أسألك إذا كنت متفرغا في الصباح حتى نتمكن من الذهاب وتقديم طلب الطلاق.
رواية عشق لا يضاهى تمصير أسماء حميدة لمتابعة مواعيد النشر يرجى الانضمام إلى جروب روايات الأسطورة أسماء حميدة أو صفحة الكاتبة أسماء حميدة.
انقبضت حدقة عين ظافر وتوتر صوته ماذا قلت للتو
على مدى السنوات الثلاث الماضية ورغم كل ما فعله لم تلمح سيرين يوما إلى الطلاق.
كان ظافر يدرك في أعماقه أن سيرين تحبه بل تعشقه... لكن الآن كانت عيناها اللتان اعتاد أن يرى بهما لمعة شغفها به أصبحتا تشعان بريقا وصفاء وكأنها تعي معنى طلبها توا إنها ترغب حقا بالانفصال عنه! سؤال ضج به رأسه وزادتها عندما قالت بنبرة حازمة
زم ظافر شفتيه فبدت كخط مشدود يمسك بذراعها دون وعي يقول بتوتر أعصاب ظاهر عجزت سيرين عن تفسيره
لقد سمعت ما قلته قبل قليل عبر الهاتف أليس كذلك ألهذا تتفوهين بالحماقات! أسمعيني جيدا مجموعة تهامي على وشك الإفلاس ولا يهم من سيشتريها سواء كنت أنا أو أي شخص آخر انظري بعيني واخبريني ما الذي تحاولين تحقيقه بإثارة قضية الطلاق الآن هل تسعين للحصول على المال أم أنك تريدين الطفل أم تريدين أن أترك مجموعة تهاميال
لا تنسي أنني لا أحبك. تهديداتك لن تجدي نفعا معي!
في تلك اللحظة بدا ظافر وكأنه شخص غريب عليها ابتلعت لتزيل كتلة مريرة قد تشكلت بحلقها وبدأت أذناها تنبضان بقوة وبالرغم من أنها كانت ترتدي سماعات الأذن ولكنها بالكاد استطاعت سماع كلماته المتناثرة لم تسعفها الكلمات لتتمكن من التعبير عن مدى الخذلان الذي تسلل إلى قلبها عقب معاملته القاسېة لها ولم تتمكن من الرد سوى على سؤاله الأخير فأردت تقول بإيجاز
وخوفا من أن يلاحظ شيئا خاطئا بها غادرت سيرين المكتب بسرعة وقلبها يعصف بنوب قهر لم تشعر بها من قبل وعندما شاهدها ظافر وهي تبتعد تاركة إياه خلفها دون أن تلتفت أخس بإحباط غريب لم يعهده من قبل...
أخذ ظافر يدور حول نفسه متخصرا يزفر أنفاسه بتتابع كتنين ثائر غير قادر على كبت مشاعره فاڼفجر غاضبا ليركل الطاولة بقدمه فانقلبت رأسا على عقب لينسكب وعاء الحساء الذي أحضرته سيرين على الأرض.
ومن ثم انسحبت تندس بسريرها متكومة على حالها متخذة وضع الجنين تكتم شهقاتها بكلا راحتيها وهي تنعي قلبا مكلوما عشق جاحدا لا يلين.
تعافى سمعها قليلا بحلول الفجر رمشت بأهدابها الكثيفة التي تزين عينين خضراوين زاهيتين مكحلتين
بسواد رباني يخر له الناسك ساجدا ما عدا من ملك قلبها فهو لا يرى بها وجمالا أو هكذا ظنت.
حدقت في أشعة الشمس الناعمة المتدفقة من النافذة بلا تعبير... تتمتم لنفسها بهدوء
لقد توقف المطر
في ذلك اليوم لم يغادر ظافر القصر... بل ظل جالسا في غرفة المعيشة على الأريكة ينتظر اعتذار سيرين وتعبيرها عن أسفها... لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تفقد فيها سيرين أعصابها معه... ومع ذلك بعد كل نوبة ڠضب كانت تعتذر له بعد فترة وجيزة... فأعتقد ظافر أن الأمر سيكون نفسه هذه المرة.
بعد قليل رأى سيرين تخرج من غرفتها وقد انتعشت تماما وكأن شيء لم يكن... كانت ترتدي ملابسها الداكنة المعتادة وتحمل حقيبة سفر بيدها بينما تمسك بيدها الأخرى ورقة.
أعطته الورقة التي كانت عبارة عن اتفاقية طلاق تتنازل بها عن كافة حقوقها الشرعية بما في ذلك مؤخر صداقها المبالغ به تقول ببرود مصطنع
اعلمني عندما يكون لديك الوقت ظافر.
بعدما غادرت القصر سحبت حقيبتها خلفها متوجهة نحو بداية جديدة في حياتها.
كان الجو في الخارج مشرقا ومشمسا بعد ليلة مطيرة غائمة وكأن الطبيعة نفسها تبارك انطلاقتها نحو الحرية.
شعرت سيرين بأن الحياة منحتها فرصة جديدة فرصة لكتابة فصل جديد من وجودها بعيدا عن الظلال القاتمة التي كانت تحاصرها.
في هذه الأثناء كان ظافر جالسا كالصنم على الأريكة يمسك باتفاقية الطلاق في يده وكأنها وثيقة تثقل كاهله بماض لا يرحم ومستقبل خاو بدونها... شعور بارد تسلل إلى أوردته لبعدها ولا يجد له تفسيرا.
ظلت صدمة رغبتها بالانفصال عنه تعصف بكيانه وكأنها رياح عاتية تجرف ما تبقى من استقراره الداخلي.... مضى وقت طويل قبل أن يتمكن من استيعاب ما حدث ليعود إلى وعيه المثقل بالألم والندم.
كان اليوم يوم السبت وفي مثل هذا الوقت من العام كان ظافر يأخذ سيرين إلى مسقط رأسه لتقديم واجب العزاء للأسلاف. كانت تلك الزيارة السنوية دائما تفرض عليهما مواجهة نظرات العائلة المتطفلة وتحمل الأحاديث الجانبية والنقد المبطن. ولكن اليوم كان وحده يغمره شعور غريب لم يستوعبه بعد.
في قصر نصران استقبلت شادية وبقية أفراد العائلة ظافر بدهشة إذ لم يتوقعوا رؤيته وحيدا... في السابق كانت سيرين دائما الحاضرة الأولى... والأخيرة التي تغادر تسعى جاهدة لإرضاء الجميع... ولكن اليوم غابت وتركت خلفها فراغا ملموسا.
اقتربت شادية من ظافر وعبست تسأله بقلق
ظافر!! أين سيرين
نظر إليها ظافر بتعبير وجه بارد جاهد في استحضاره وقال بصوت خاڤت
أرادت الطلاق... وتركتني.
ساد الصمت المكان وصدمت العائلة من وقع كلماته... كانت شادية تعلم أن حب سيرين لظافر يتجاوز كل شيء ولم ينافسها في حبه سوى والديه ولكنها تفوقت عليهما بمراحل إنها تتنفسه.
قبل سبع سنوات قامت سيرين بحماية ظافر بجسدها نقلت على إثرها إلى إحدى غرف العناية المركزة بعدما خضعت إلى جراحة
خطړة استمرت لست ساعات متواصلة حتى أنقذتها العناية الإلهية أو ربما كان ذلك تكليل من المولى لإخلاصها في حبه.
ومنذ أربع سنوات بعد خطوبتهما بقليل تعرض ظافر لحاډث خلال رحلة عمل في دبي وكان الجميع يعتقد أنه ماټ لكن سيرين رفضت التصديق وتركت كل شيء وذهبت تبحث عنه في المدينة بأكملها.
بعد زواجهما اعتنت سيرين بكل تفاصيل حياته تعاملت بأدب مع كل من حوله حتى سكرتيراته خوفا من أن تتسبب في إحراجهم. كان واضحا أن سيرين لا تستطيع العيش بدون ظافر. إذن لماذا اقترحت الطلاق هذا سؤال دار بخاطرك كل من استمع إلى حديث ظافر.
لم يكن لدى شادية